عهد الشيخ مجاهد – ليلة الامتحان الجزء الاول

قصة: عهد الشيخ مجاهد


الجزء الأول: ليلة الامتحان

كان الليل يلف المكان بسكون غريب، والريح تعصف بورق الأشجار خارج الكُتَّاب القديم، حيث كان الشيخ مجاهد جالسًا وسط طلابه الخمسة في غرفة ضيقة أضاءها مصباح زيتي يتراقص لهيبه في الظلام. وقف أمامهم بوجهه الصارم وعينيه العميقتين اللتين تحملان أسرارًا لا يدركها إلا القليل.

“اليوم هو امتحانكم الأخير.. ليس في حفظ القرآن فقط، بل في معرفة ما في قلوبكم. لو قُدِّر لكل واحد منكم أن يُمنح قوة خارقة، فما هي؟ وكيف ستستخدمها؟” قالها بصوت هادئ لكنه يحمل رهبة جعلت الطلاب ينظرون إلى بعضهم بحيرة.

تقدم سليم، وهو أكبرهم سنًا، قائلاً بثقة: “يا شيخ، لو كانت لي قوة، لوددت أن أتحكم في عقول الناس، أجعلهم يرون ما أريده وأقنعهم بما أشاء.”

هز الشيخ مجاهد رأسه ولم يُعلِّق، بل أشار للذي يليه.

قال منصور: “أما أنا، فأريد أن أرى الغيب، أعرف ما يخبئه المستقبل، فلا أخطئ أبدًا.”

ابتسم الشيخ مجاهد بحزن، ثم نظر إلى يوسف الذي قال بحماس: “أنا أريد أن أسخر الجن لخدمتي، لا أحتاج للبشر، أريدهم أن يحموني ويفتحوا لي الأبواب المغلقة.”

أما إسماعيل فقال بعد تردد: “أريد أن أكون قادرًا على إبطال السحر والمس، لا شيء يخيفني أكثر من أن أكون ضعيفًا أمامهم.”

وصل الدور إلى آدم، الطفل النحيل الذي كان يجلس في زاوية بعيدة، لم يكن كبقية زملائه، كان مختلفًا بروحه النقية وملامحه التي تحمل ظلَّ حزن دفين. رفع رأسه ونظر إلى الشيخ وقال بهدوء: “أريد أن أعرف الحقيقة.. أن أرى ما لا يراه الناس.. وأن أقاتل من يستحق القتال.”

ساد الصمت للحظات، ثم وقف الشيخ مجاهد وربّت على كتف آدم قائلاً: “أنت الوحيد الذي لم تطلب القوة لنفسك، بل سألت عن الحقيقة. لهذا.. ستكون أنت الحامل للعهد.”

ارتبك البقية ونظروا لبعضهم بحنق، لكن قبل أن يتحدث أحد، أخرج الشيخ خمس صناديق صغيرة، كل واحد منها يحمل سرًا من أسرار العلم الروحاني. “هذه هداياكم، لكن احذروا.. ما سيأتي بعد هذه الليلة سيغير حياتكم للأبد.”

لم يكن أحد يدرك أن هذه الليلة.. ستكون بداية حرب لا رجعة فيها.. حرب بين النور والظلام، بين الإيمان والكفر، بين الإنسان
والشياطين.
يتبع الجزء الثاني….

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *